المقاومة الوطنية للاحتلال
(ثورات: الريف، والصحراء، والأطلس، الحركة الوطنية)
وحدة المغرب:
- نتج عن معاهدة الحماية أن أصبح المغرب مقسما إلى ثلاث أقسامك:
- منطقة الحماية الفرنسية
- منطقة الحماية الاسبانية
- منطقة طنجة الدولية
بذلك تحطمت وحدة المغرب وهذا أهم أسباب المقاومة الوطنية للاحتلال.
ولا بد من القول أنه في خلال الخمسة عشرة سنة الأولى التي حكم فيها المقيم الفرنسي العام الجنرال ليوتي البلاد استطاع الفرنسيون ان يبسطوا نفوذهم على جميع المناطق المغربية. أما في الجبال فقد ظل السكان يقاتلون بها طيلة تلك المدة وكان ذلك بداية مقاومة الاحتلال وأخيراً اخضعوا بالقوة، وقد حكمت فرنسا ما مساحته (440) الف كمم، واسبانيا ما مساحته (22) الف كم.م، وبقيت طنجة دولية وكانت مساحتها 350 كمم.
تربع المولى يوسف في عام 1913م، على عرش البلاد بعد تنازل عبد الحفيظ. وهو ابن المولى الحسن وأخو عبد الحفيظ الأصغر وقد كان يدافع عن حقوق المغرب ولكن بلين واستعطاف في الوقت الذي كان في العدو ينال ما يريد بالظلم والقهر والقوة ولهذا استبد المقيم العام في أيامه وأصبح هو المرجع الوحيد.
وفي فترت حكم ليوتي وفدت إلى البلاد جاليات أوروبية مختلفة أهمها من فرنسا وإيطاليا وقبضوا على زمام الأمور الاقتصادية والحكومية والعسكرية حتى أننا نرى ليوتي يشكو من تصرفات هؤلاء الفرنسيين وفي ذلك ما يؤكد سوء أعمالهم واساءاتهم.
وقد عمل الفرنسيون كثيرا في سبيل تثبيت نظامهم. وعندما وقعت الحرب العالمية الأولى أكره الفرنسيون عددا كبيراً من المغاربة على الاشتراك في القتال في أوروبا بجانب الحلفاء.
وقد اضطر الفرنسيون إلى محاربة الحركات الوطنية التي قامت بعد ذلك الذين أوقعوا بالفرنسيين هزائم هامة. وكادت القوات الوطنية بقيادة (الشيخ الهبة ابن الشيخ ماء العينين) أن تحرر مدينة مراكش لولا الفرنسيين واستعمالهم العنف.
وابقت فرنسا على شخصية المخزن كحكومة ذاتية البلاد واقامت الى جانب هذه الهيئة الحكومية مراقبين ومديرين عامين للمقيم الفرنسي كانت بيدهم كل أمور الدولة بشكل فعلي واحتل الفرنسيون أكثر وظائف الدولة حيث كان لهم (6000) وظيفة من أصل (21000) وظيفة وذلك عام 1944م.
وينسب بعض المؤرخين الاستعماريين إلى المارشال ليوتي انشاءه المغرب الحديث مستغلين ما قام به من بعض إصلاحات ليعضوا للاستعمار فضل التمدين مع ان ليوتي رغم مواقفه الصلبة من الحكومة الفرنسية في سبيل تطبيق معاهدة الحماية كان يدرك تماما لشدة ذكائه وقدرته على المغرب سيفجر المغرب كله ناراً ولهذا كان حكيما في تطبق نظامه الاستعماري بشكل يؤمن لوطنه فرنسا الفائدة ويضمن بقاء المغرب بيد فرنسا ولم يكن كما يريد أن يصور البعض البطل العظيم منشئ المغرب الحديث، فالمغرب الحديث أبناؤه المخلصون.
احتفظ ليوتي لفرنسا بأمور الخارجية والدفاع كان يقرب له الاقطاعيين والباشوات ليحطم السلطان ويحتقر المواطنين البسطاء العاديين فقوى التهامي الكلاوي الذي لعب دورا هاما في عهد الحكم الفرنسي وتأمر على خلع محمد الخامس بعدئذ.
وكان ليوتي يتخذ الحكم البريطاني في الهند قدوة له وبريطانيا كانت تدير الهند كمستعمرة وتفرق بين أبنائها وكان ليوتي يتظاهر بالقوة دائما لإرهاب الشعب المغربي وإخضاعه، ولهذا باتت سلطات سلطان المغرب في عهده رمزية، ولا ننسى أن ليوتي عمل في الجزائر تشبع بالروح الاستعمارية.
وأكبر جريمة ارتكبها ليوتي هي محاولة التفريق بين العرب والأمازيغ وهو صاحب الظهير البربري الذي صدر بعد أقل من سنتين من الاحتلال والذي أعطى للسلطات الفرنسية حق إدارة شؤون البربر دون السلطان وفي ذلك بداية تفكك الوحدة الوطنية التي عرقلت على ليوتي سياسته الاستعمارية.
المنطقة الشمالية في هذه الفترة:
لقد سبق أن علمت أن اسبانيا شرعت باحتلال بعض المناطق المغربية منذ معاهدة 1904م، ولكن سكان الريف قاوموا الاحتلال الاسباني وهزموا الماريشال مارينا عام 1909م، ومنذ ذلك الحين ظهر الشريف أحمد الريسوني فثار على السلطان واختطف القنصل الأمريكي من طنجة. وسهل ذلك نزول القوات الاسبانية في العرائش عام 1911م، ودخول الاسبان تطوان فاصطدموا بقوات الريسوني عندما حاولوا التغلغل في الجبال وتجمعت القبائل هناك حول الريسوني ونادوا به سلطانا في شفشاون عام 1914م، واعترف الاسبان به حاكما على القبائل وعقدوا معه صلحا عام 1915م، فثارت ضده القبائل لموافقته على صلح اسبانيا وعارض الريسوني الأمير عبد الكريم الخطابي في حركته فأسره. وتوفى الريسوني عام 1925م.
ومن ذلك الحين انتقلت قيادة المغرب في الريف إلى عبد الكريم الخطابي الذي ظهر في المنطقة الشرقية من الريف.
وقد بدأت العمليات العسكرية بين الخطابي والاسبان منذ عام 1920م، ولما توفى الأب استلم القيادة ابنه محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي ذاع صيته وسجل صفحات بيضاء في تاريخ نضال المغرب. وقد تر الأب لابنه ذكرا حسنا إذ أن الأب أنزل بالإسبان كارثة كبرى عام 1921م، يوم هاجمه جيشهم بقيادة سلفيستر. واعترف الاسبان فيها بخسارة (15) ألف جندي و(30) ألف بندقية و (400) مدفع رشاش، وتعد هذه المعركة أكبر هزيمة ألحقة بجيش أوروبي في العصر الحديث.
اعلن محمد عبد الكريم الخطابي بعد ذلك الجمهورية في الريف وارسال وفدا إلى أوروبا يشرح قضية الريف، وتمكن محمد عبد الكريم من صد هجمات الاسبان ولم تفلح محاولات الاسبان لإقامة صلح معه.
وتقلص حكم اسبانيا عن الداخل مقتصرا على المدن الساحلية بعد عام 1924م، بدأت المفاوضات بين اسبانيا ومحمد عبد الكريم الخطابي لعقد هدنة شريفة وقبل أن تنتهي المفاوضات تدخلت فرنسا ضد محمد الخطابي، إذ أنها عند ما اتمت احتلال المناطق الجبلية المتاخمة للريف عام 1922م، تتالت تصريحات ليوتي منذرا ومحذرا وانتقد ليوتي تراجع اسبانيا وحذر اليوتي الدول الأوروبية من خطر انتصار المسلمين في الريف بقياده محمد عبد الكريم.
وحاول الخطابي مهادنة فرنسا فأرسل اخاه الى باريس ولكن باريس تجنبت المفاوضة مع وفد جمهورية الريف ونصحته بالاتصال بالماريشال ليوتي لكن هذا الأخير رفض المفاوضة وبدا الاصطدام مع الخطابي ورغم قوة الخطابي وحداثة سلاحه وشجاعة رجاله فانه كان يفتقر في جمهوريته الجديدة الى الطيران، فقابلت قوات جمهورية الريف التي بلغت (60 الف جندي) قابلت (280 الف جندي اسباني) و (132 طائرة فرنسية) و (150 الف فرنسي). وقد اشترك في هذه المعركة أكبر قواد فرنسا مثل بيتان و ليوتي وبإشراف رئيس حكومة اسبانيا الجنرال دي ريفيرا. وقد تمكن الريفيون من تغلب على الفرنسيين عدة مرات ولكن دون جدوى.
وفي منتصف عام 1929م، اضطر الخطابي الى الاستسلام بعد صراع عنيف دام خمس سنوات مع الجيشين المتحالفين الاسباني والفرنسي ونفى الخطابي الى جزيرة ريونيون ثم فر الى مصر وتوفي فيها في مطلع عام 1963م.
الحركة الوطنية:
بعد ان فشل المغاربة في تحقيق استقلالهم عن طريق النضال المسلح لأنه لم يعتمد على قاعدة شعبية سليمة منظمة لجأوا الى النضال السياسي فبرزت خلال الفترة الواقعة بين عام 1926-1944م، عدة أحزاب سياسية كانت تطالب فرنسا واسبانيا بإعطاء البلاد استقلالها.
وقد فضحت هذه الحركات الوطنية خطورة الظهير البربري الذي صدر عام 1914م، وما تبعه من قرارات اريد بها التفريق بين برِبر و عرب ومسلمين.
أسست صحف عده للدفاع عن مصالح الوطن فصدرت مجلة (المغرب) و جريدة (عمل الشعب) وجريدة (الحياة) ومجلة (السلام).
ونشأ اول حزب مغربي باسم "كتله العمل المغربي" عام 1934م، ويضم المتعلمين الذين درسوا في الجامعات ثم تلت هذا (عصبة الفكر المغربي) و (حزن الإصلاح الوطني) وأحزاب عديدة أخرى ساهمت كلها خلال هذه الفترة بالمطالبة في حقوق البلاد و استقلالها.