المحاضرة السادسة: الثورة الصناعية (الجزء
الثاني)
النتائج الاجتماعية والسياسية
أ- النتائج الاجتماعية
تمثلت هذه النتائج
في مجموعة من المظاهر نجملها في الآتي :
-
ارتفاع أعداد السكان بشكل ملحوظ[1] بسبب تحسن
الوضع المعيشي للساكنة إذ سجل الرقم سنة1750 حوالي 700 مليون نسمة في حين انتقل
سنة 1800 إلى 900 مليون نسمة.
-
تنامي ظاهرة الهجرة الداخلية (من القرى نحو
المدن) أو الخارجية (بين البلدان الاوربية
أم خارج القارة صوب المستعمرات.)
-
حفاظ بعض البيوتات الارستقراطية، رمز النظام
القديم، على مكانتها الاجتماعية على مدار القرن التاسع عشر بفضل تأقلمها السريع مع
رياح التغيير التي حملتها البورجوازية على ضوء المبادئ والأساليب الرأسمالية،
وبفضل مساهمتها أيضا في بعض الأنشطة الاقتصادية والمالية ودخولها في مصاهرات مع
بعض العائلات البورجوازية، ومن ثمة استطاع أفرادها تقلد مناصب مهمة في أجهزة
الدولة الحديثة.
أما على مستوى
الهرم الاجتماعي، فقد أعادت الثورة الصناعية الاصطفافات داخل المجتمع فالبورجوازية التي اعتبرت افرازا
لانتصار الرأسمالية كانت في حقيقة الأمر سائدة قبل الثورة الصناعية، إنما أدت رياح
التغيير التي حملها القرن التاسع عشر إلى الاستجابة لمطالب هذه الطبقة الصاعدة بعد
إلغاء قانون الامتيازات الذي كان سائدا في العهد القديم. لذلك أصبح التمايز بين
أفراد المجتمع على أساس اقتصادي محض لا على اساس الامتيازات المستمدة من الشرف أو
الارض.
لذلك، عرفت هذه
الطبقة نموا تصاعديا وتعددت مجالات استثمارها ويمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات:
[1] - أحمد حسن البرعي "كتاب الثورة الصناعية وآثارها الاجتماعية والقانونية"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1982، ص 174
البورجوازية
المتوسطة: وهي تلك التي تخصصت في تسيير بعض المؤسسات الاقتصادية وامتهنت الاعمال
الحرة مثل الطب والصيدلة والهندسة المعمارية والمحاماة.
وقد حدد غيزو
خصائص الطبقة الوسطى بالقول:" هذه الطبقة التي لا يعيش أفرادها على المراتب
والاجر، والتي ينبض الفكر عندها وتجيش الحياة فيها بالحرية ويتخلل نشاطها بعض
الفراغ، والتي تستطيع أن تخصص جانبا ملحوظا من وقتها لبحث القضايا العامة، أي هذه
الطبقة التي تجد نفسها على بعد متساو بين الامتيازات الماضية، وبين الطبقة
المنصرفة للعمل اليدوي"[1].
البورجوازية
الصغرى: تشكلت من الموظفين والمستخدمين وصغار الفلاحين وتجار التقسيط والحرفيين
المتخصصين
الطبقة العاملة:
تعد هذه الطبقة نتاجا تاريخا وموضوعيا للثورة الصناعية وللمدينة الصناعية أي
للمعمل تحديدا، عكس البورجوازية التي كانت سائدة من ذي قبل.
ضمت هذه الطبقة في تركيبتها عدة فئات، تقاسمت هم العداء
للبورجوازية، منها الحرفيون وعمال البيوت والعمال المؤهلون وغير المؤهلين. وتكدس
أفرادها في تجمعات عمالية دون أي تخطيط مسبق قرب المدن الصناعية نظرا للاكتساح
السريع لأعداد غفيرة من القرويين ،الذين أجبروا عن هجرة أراضيهم، للمجالات الحضرية
بحثا عن فرصا عمل داخل الوحدات الانتاجية الجديدة.
وعاش أفراد هذه الطبقة ظروفا مزرية لم يتردد
كارل ماركس في نعت العمال في المصانع "بالعبيد" بالنسبة للسيد الرأسمالي
وللحضارة الصناعية، فهم بمثابة "
جنود للصناعة خاضعين لرقابة جهاز من ضباط – الصف والضباط، فهم ليسوا فقط عبيدا
للطبقة البورجوازية والدولة البورجوازية، إنما هم في كل يوم وفي كل وقت عبيدا
للآلة. فقد كانت أماكن العمل في المصانع غير صحية لذلك قال أحدهم وكان يعمل مصححا
في مطبعة " لقد تسممت من الهواء الفاسد، ورائحة العفونة، ورائحة العرق
الانساني"[2]، فقد كانت
المصانع قليلة الإضاءة وسيئة التهوية. وكانت بعض المصانع تشغل الأدوار السفلية
لذلك كان العامل يئن تحت برد الشتاء وحرارة الصيف. لذلك وصفت هذه المصانع بالثكنات العسكرية.كما أن
الآلات كانت تزعج بضوضائها العمال مما يسبب لهم أمراض الاذن والصداع، فضلا عن
أمراض الصدر، ناهيك عن حوادث العمل.
تحميل الملف كاملاً:
- المحاضرة الأولى: خصائص القرن التاسع عشر
- المحاضرة الثانية: ظاهرة الاسترقاق في أوربا
- المحاضرة الثالثة: الحركات الليبرالية والقومية
- المحاضرة الرابعة: الثورة الصناعية
- المحاضرة السادسة: الثورة الصناعية